الاثنين، 30 مارس 2020

من ذكرياتي كطالبة مسرح في معهد الفنون الجميلة - عادل كوركيس الناسك المسرحي

انا وزميلي الصديق عادل كوركيس
(لروحه السلام والأمان )

 

عادل كوركيس – قديس المسرح الجميل .

مثال الادب والهدوء  والمثالية التي تضعة في خانة الرهبنة .
 كان مترجما من اللغه التشيكية الى العربية وعضو في ( مسرح اليوم ) وله اهتمامات تشكيلية،اضافة للتمثيل والاخراج .

كان موسوعة ومرجع في كثير من الامور .وكان مسالما وحاضرا للمساعدة في اي  وقت اوظرف .

اتذكر سفرتنا للواء العماره لغرض عرض (مسرحية  شمشون ودليلة) . تعرضنا لموقف اربكنا جميعا وكان ذلك بعد ان انهينا تمرينا متعبا غادرنا كل الى مكانه طلبا للراحه . ما ان حل الليل حتى سمعنا اصوات غريبة سرعان ما اكتشفنا  انها ذئاب ،انتابنا الخوف .. ربما ستهاجمنا، ربما وربما..

 ولم نجد ملجأ غير عادل فذهبنا اليه طالبين حلا .. اعتدل عادل في جلسته ورفع جواريبه قائلا :  (احرقوها فالذئاب تخشى النيران )
.كنت اقصده لنيل النصيحة والمساعدات النظرية خاصه في مجال الديكور. كنا نجلس سوية في اوقات الفراغ نتحدث عن الشعر وبناء الشخصيات وانواع المسارح والمذاهب .

كم كانت فرحتي كبيره عندما سافر مرة ورجع ومعه هدية لي . كانت سلايدات (شرائح ضوئية ) ملونة للمسرح الاغريقي . وطرت من السعاده لهذه الألتفاتة الرائعه .. ولكن واجهتنا مشكلة في حينها  ،الا وهي عدم وجود عارضة لنعرض عليها هذه الشرائح .
ولم نوفق في العثور على واحده رغم بحثنا المكثف . أنتابني الحزن ولكن قبل أن يصيبني الأحباط  بادرني عادل قائلا : (ولايهمك سنصنع عارضة محلية ، العملية سهلة ) .
 وتجدد الامل في رؤيه الشرائح الضوئية . وفعلا جلب المواد وصنع فانوسا سحريا . ثم قال :(والان علينا ان نجد مكان مظلم  لنتمكن من المشاهده ).
 فقلت له موجود ..  بيتنا.  (كان بيتنا هو الصف المكمل لدراستنا المعهديه فكثيرا من الواجبات والتمارين تنجز فيه ) 

 ذهبنا الى البيت .. قلت له ماذا تريد ان تأكل اوتشرب فقال بهدوئه المعتاد فقط شاي وبدأ في اعداد الفانوس ... كنت في قمة الترقب لهذا الحدث الكبير فأعددت الشاي سريعا وقدمته لعادل الذي رشف منه قليلا ثم قال  : (خفيف مع هزه استنكار من رأسه )
 فذهبت لاستبداله واضفت كميه شاي اكبر وانا غير مصدقة ان صناعتنا المحلية ستعمل . قدمت لة الشاي وانا متحفزة للمشاهدة .. ومره ثانيه بعد ان ضاق قليلا من الشاي الجديد قال:( احلام  مازال خفيفا والنسب غير صحيحه ).
لا اعرف هل كان يود ترويض صبري لانه كان يشغلني باستمرار .. (اسدلي الستائر جيدا .. لا اريد اي منفذ يتسرب منه الضوء ) ..ثم طلبات الشاي التي لاتعجبه فيردها طالبا اخرى  ...عملت شايا ثالثا وانا في قمة السخط وقدمته بتهديد: (عادل هذا الشاي تشربه حتى لو كان بلاله ، شغل الفانوس رحمه لوالديك وبعدين انت سوي الجاي الي يعجبك ).
 ضحك طالبا مني الجلوس والاسترخاء و....اشتغل الفانوس .. يا ألهي كم هي جميلة هذه الاعمدة وكم هو رائع المسرح الدائري ويالروعة الالوان . واعدنا الكرة اكثر من مرة . حلقت مسافرة لليونان ورأيتهم كلهم هناك.. اسخلوس.. وسوفوكلس,, ويوربيدس.. اوديب وابناؤ ..والجوقات .. كلهم كان جنب الأعمده العملاقه حلقت معهم ثم  ورجعت .
 كان امرا رائعا  يستحق من اجله عادل شايا سنكينا وساندويج .
حادثة اخرى مهمه اضافت لي الكثير وهي كيف انه ساعدني في  شراء مكتبة .بعد ان كنا نذهب للباب الشرقي ونزور المكتبات بحثا عن مصدر . كانت المصادر قليله واحيانا لاتتجاز عدد الأصابع وهناك سباقون  في اقتناءها السريع . وعاده ماكنت اذهب مع الزملاء الذين يحصلون على الكتاب واعود فرحه اكثر منهم بأنتظار ان ينتهون منه لأستلفه .
وعندما قرر احد الزملاء بيع مكتبته  لغرض السفر ارسلت عادل مفاوضا لاني لا أجيد فن المفاوضه على الاسعار. وبعد ان توصل لسعر مقنع حمل معي الكتب الى البيت وكانت جدتي تراقبنا ونحن منهمكين بترتيب الكتب  فعلقت :( اي، مو عدكم كومه كتب ،شكو بعد تشترون ؟ متشبعون ؟ )

ومن طرائف عادل كنا نخوض امتحانا في درس التذوق الموسيقي حين طلب منا المدرس ان نغني فقال :(استاذ انا لا أجيد الغناء بالعربي ، ممكن اغني بأللغة التشيكية ).. .فوافق المدرس وسمعنا عادل يغني تشيكي واندمجنا معه ( والله وياعيني ) واشتغل التصفيق كأنها حفلة لكوكب الشرق .
مرة اصابه يأس وحاول ترك المعهد ولكني كنت له بالمرصاد فزهد الفكرة .




وهكذا كنت مع اي زميل يفكر بترك المعهد. كنت اذا تغيب احدهم  أذهب بعد الدوام ابحث عنه في المقاهي واعيده.
يعتبر عادل كوركيس صاحب اقصر اطروحة تخرج في معهد الفنون الجميلة لاتتجاوز العشر دقائق . وقد حازت على اعجاب مدرسنا بهنام ميخائيل لانه اعتبرها اطروحة نموذجية . الأطروحه هي( المنطق الحديدي )ومثلناها انا والزميل حافظ العادلي  .. حتى ان الناقد حسب الله يحيى والذي كان يحضر عروض الطلبة ويكتب عنهم جاء على غير عادته متأخرا خمس دقائق فوجد الجمهور يصفق .

عادل كوركيس اثناء تمارين روح اليانورا قي المعهد .

الرابط لأطروحة عادل كوركيس المنطق الحديدي .
بيتنا الذي مازال قائما في محله جديد حسن ياشا

قرب شارع المتنبي اشهر شارع للكتب والمقاهي الشعبية .
https://ahlamarab.blogspot.com/2010/12/blog-post_4854.html

الرابط لمسرحية المجنونه لعادل كوركيس .







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق