الاثنين، 18 يناير 2021

مسرحية "المجنونة" تأليف: وفاء عبد الوهاب اخراج: عادل كوركيس تقديم (فرقة مسرح اليوم) عام 1990 على مسرح الرواد.

مسرحية "المجنونة"

تأليف: وفاء عبد الوهاب

اخراج: عادل كوركيس

تقديم (فرقة مسرح اليوم) عام 1990 على مسرح الرواد.


اثناء التمرين

(وين رايحه ...مكانك ويانه )

لندن، أحلام عرب

هذه الجمله التي سمعتها وانا اغادر مستشفى الامراض النفسية أثر تجربة معايشة وبقيت عالقة في ذهني الى اليوم.        
التجربة بدأت عندما اسند لي دور المجنونة في مسرحية تحمل نفس العنوان من تأليف الصديق وفاء عبد الوهاب واخراج الزميل والصديق عادل كوركيس ( لروحيهما الرحمة والسلام )، فقررت الذهاب لمستشفى الامراض العقلية لغرض مراقبة النزلاء ودراسة  تصرفاتهم كي اضفي على الكاركتر المناطة بتجسيدة صدق الحس والحركة.
علق المؤلف، الاستاذ وفاء، بروح نكتته المعهودة انه لاحاجه لي بذلك وماعلي الا اعتلاء الخشبة وسيقتنع الجمهور بالحالة. فأجبته بضحكة باردة, كانت هي سلاحي الدائم في مواجهة سخريتة اللاذعة. كان هذا هو وضعنا الدائم، مشاحنات ومشاجرات اثمرت اكثر من اربع مسرحيات حازت على اهتمام الجمهور والصحافة وصداقة دائمية  تشبه صداقه توم وجيري.                                                                                            
ذهبت الى مستشفى الرشاد او ( الشماعية ) كما كان يطلق عليها الناس . وقابلت الادارة وكلي امل بقبول التماسي الذي قدمته بحرارة للبقاء مع النزلاء لغرض المعياشة، ولكن الرفض كان هو الرد الحاسم لي، لأنه لا كتاب رسمي يسند ويدعم حجتي.                           رجعت متذمرة  للزميل عادل كوركيس وطلبت منه ان يزودني بكتاب رسمي من فرقة (مسرح اليوم) والتي هو عضو فاعل فيها، وكنا نتمرن في مسرحها ذو ال60 كرسي، وكان هذا المسرح بمثابة بيت ثان لنا تعودنا على ارتياده والتمرين به منذ ايام الدراسة المعهدية. استجاب الزميل المخرج عادل كوركيس لطلبي وزودني بالكتاب الذي اخذته لاداره المستشفى، وهذه المرة استقبلت بشكل حسن، وسُمح لي بالبقاء مع المرضى بصحبة ممرضة كي تعرفني على الحالات. كانت ترافقها شابة جميلة ذات ضحكة ملائكية ساحرة. 
 أول حالة صادفتني كانت امرأة متوسطة في العمر ذات هندام مقبول تتمشى في الممر، ما أن رأتني، حتى توجهت نحوي بخطى بطيئة وبلهجة اقرب الى التوسل قالت لي: (اني مو مخبلة، صدكيني، بس ابن عمي طمع بالبيت وشمروني اهنا .. كوليلهم اني مو مخبلة).  

لااعرف بماذا شعرت ؟ بالضبط فقد كانت هي الكاركتر الذي سوف امثلة ... سيتقدم لي الكثير من العرسان بسبب ورث يأملون التنعم به مما يضطرني لتمثيل دور المجنونة لأبعادهم . وقفت اتأملها، غير مصدقه ما يحدث وكيف تكون اول حاله اصادفها هي تماما ما ابحث عنه. ووسط انشداهي ودهشتي سمعت مرافقتي الشابة تهمس وهي تسحبني بعيدا عنها (عوفيهه مخبله .. تعالي للقاووش).

 دخلت الردهة واستخرجت دفتر ملاحظاتي وقلمي الرصاص.
كان هناك مجموعة من الشابات جالسات بودٍّ، تتوسطهن شابة جميلة بشعر اشقر اطفأ الاهمال جماله، وعيون ملونة مازال بعض من بريقها لامع. وكانت كما يبدو متحدثتهم. ما ان رأتني، حتى انتصبت واقفة  وسألتني بشكل حاد:  (اكلج، اني احب الدكتور وهذني يضحكن علي ويكولن مستحيل الدكتور يحبج لان انت مخبلة .انت شدكولين؟).                                                                                                            
كركرت زميلتها هنا وهناك، فنهرتهن (اسكتن، خلي نسمع شتكول؟).
 فساد صمت  وتوجهت الانظار لي .
قلت لها: (شوفي عزيزتي، الحب ميعرف مخبل اوعاقل. ولايعرف غني او فقير أوصغير أو كبير .. وليش لا، هذا الدكتور اذا عنده مشاعر وما مرتبط ممكن يحبج).                                                                                                                    
انتفضت الشابه الشقراء منتصرة وقالت لزميلاتها: (ها شكلت الكم ؟)، واشرت نحوي، (هذي تفتهم). وتعالت همهمات هنا وهناك ..(اي تفتهم) .
احسست باسترخاء وبأني اصبحت مقبولة بينهن .
            
 رجعت متحدثتهن وقالت بلهجة اخف: (خلي اسألها السؤال المهم)، وهمست بصوت واطيء، (عندي بحث علمي مهم، والمخابرات الاميركيه طلبته، بس المخابرات الروسيه ايضا تريده، واني حايره شسوي ؟ شنو رأيج ؟).                                            
توجهت نظرات الجميع نحوي بشكل جاد هذه المرة.  فقلت بجديه تناسب الموقف وبصوت واطئ تماشيا مع الحالة:              
(شوفي عزيزتي، هذا موضوع مهم وخطير وميصير نتسرع. خلي ندرس الطلب الامريكي على كيفنا وندرس طلب روسيا، وبعدين نقرر وين مصلحتنا).
                                                                                                                      
صفق الجميع وتعالت الكركرات وسمعت عبارات تشجيعيه مؤكدة ( تفتهم  اي  تفتهم )، سحبتني المسوؤله، التي كانت تحمل اضابير لشرح الحالات، بعد الانتهاء من مقابلتها، قالت لي: (هذه التي كلمتك كانت طالبة جامعية، ثالث علوم، قبل ان ينتهي بها الحال هنا). وأيدتها المرافقة الشابة بضحكتها الملائكية .
                                                                                          
 وانا اقطع الممر للذهاب الى المكان الثاني، استوقفتني لوحة كبيرة، فيها اعمال يدوية جميلة جدا واعمال حياكه تبهر الناظر. قالت مرافقتي (انها اعمال النزيلات). فأشرت على اجمل قطعة وطلبت رؤية من صنعتها . دخلت مكانا اخر ورأيت مجموعة اخرى من النسوه اكبر عمرا من المجموعة الاولى وارصن. وهناك امرأه رثة الثياب والشكل، منهمكة بأكمال مابيدها من حياكة وقيل لي انها هي. كانت صدمة كبيرة بالنسبه لي ان يصدر الجمال من بقايا امرأه اقرب الى هيكل حزن . تغلبت على مشاعري وجلست جنبها وسألتها ( انت شتسوين اهنايه ). اجابت بدون ان ترفع رأسها ( كتلته، جان ايأذيني وكتلته، وجابوني اهنا).
قالت نزيلة اخرى، كانت واقفة تستمع لنا: (اني هم كتلته، هو وابنه وذبيتهم بالبلوعه). وقفت اسألها ( ليش هم كان يأذيج ؟). قالت بأبتسامة مسالمة ( بالعكس اصلا جان كلش يحبني ويجيبلي هدايا. جنا كلش سعداء، بس كتلتة هو وابنة وذبيتهم بالبلوعه).
اجابت نزيلة اخرى، منزوية بعيدا، بلهجة ريفية متشاطره معهن (واني هم طكيته). فسألتها (شلون؟ ) قالت (طكيته بالنعال). لم يضحك احد وبدأت حالات القتل العنيف متساوية مع ضربة النعال .
سحبتني الممرضة الى الادارة، لغرض استراحة قصيرة. وسألتها كيف تقتل هذه المرأة السعيدة زوجها وابنه، ففتحت الملف وبدأت تقرأ لي التشخيص بشكل علمي، موضحة ان كل ماقالته هو العكس تماما، وايدتها الشابة بضحكتها الملائكية الأخاذة.
بعد الاستراحة مررنا بحالات كثيرة، كتلك الشابة التي تأبى ان تفارق الحمام والماء، وهمست لي الممرضة (شوفيهه شلون شابه بس اهلها بعد ميتحملون). وكانت هذه الممرضة رائعة في تعاونها في الاجابة على اي سؤال وشرح الحالة النفسية المرافقة لها، ربما شجعها اهتمامي وكتابة ملاحظاتي لأي جملة تتفوه بها.     
                                                  
قالت لي سأخذيك لقسم الرجال لمقابلة حالة خاصة ستفيدك كثيرا، وكان ذلك .
عبرنا  لقسم الرجال، وجلست في غرفة صغيرة انتظر الحالة المترقبة بفضول، ومعي الممرضة والشابة. وماهي إلا دقائق، حتى دخل الغرفة رجل مربوع القامة، يرتدي دشداشه داكنة نظيفة مع سترة تُضفى عليه هيبة ووقار. وسلم علي بأدب جم وجلس .
قالت له الممرضة (اشرح لها عن حالتك) .فأسترسل يسرد حكايتة بسلاسة لاتخلو من روح نكتة موضحا الامر بمصطلحات طبية اثارت استغرابي .
                                                                  
 قال: (صدام سوه القادسيه الثانيه، واني سويت القادسيه الثالثه).
 كان هو الرجل الذي انتشرت قصتة على كل لسان في تلك الفترة، الرجل الذي قتل زوجتة وبناتة وزوجة اخية وكل النساء في المنزل. قال انه كان سائقاً في الحرب، وكان يرى اثناء قيادته على نافذة السياره جميع نساء بيته بوضعيات اباحية مخجلة، ويأتيه صوت بضرورة الخلاص منهن. وشرح لي بالتفصيل كيف فعل فعلتة، كيف قتل زوجتة والبنات، وكيف ارسل اخيه للمحل كي يتمكن من قتل زوجته ايضا. وشخّص الحالة علمياً، مؤكداً انها حالة  نادره جدا. وعلق ضاحكاً لانه من النوادر حصلت له.
خرجت من الغرفة غير مصدقة اني قابلت أعتى قاتل تكلم معي بهدوء عن جريمة هزت المجتمع العراقي. قبل ان تضع الممرضة الملفات مكانها، التفتت لي، مشيرةً الى المرافقة الشابه الملائكية التي كانت ترافقنا في رحلتنا، وقالت اسأليها، انها ايضا حاله .
لم اصدق اذني، (معقوله؟).
سألتُ الشابة: (وانت ماذا فعلت؟)
قالت بضحكتها الملائكية الساحرة (آني كتلت ابويه. كان نايم، وصعدت على صدره وبالسجين). وبدأت تمثل الحالة بحركات الفعل الذي قامت به، تصاحبها ضحكتها الملائكية التي لم تفارقها . كانت هذه الحاله صدمة غير متوقعة ابدا بالنسبه لي . سالتها (ليش) . قالت: (لأن كان يأذي امي ويأذينا)، وسردت الحادث وسط الضحك مرة ثانية .

دونت كل ذلك.
وقبل المغادرة، مررت بالنزيلات الشابات المرحات مودعة اياهن، وكان جميلاً ان اختم الزياره بهن بعد رحلة الاكتشافات الثقيلة.
وانا ابتعد عنهن، صاحت الشابة الشقراء، متسائلة بصوت عالٍ: ( انت وين رايحه؟ منو رايح يفتهمج اهناك؟  انت مكانج الطبيعي يمنا). 
 

اثناء التمرين


بروكرام المسرحية
من أرشيف - زهير البياتي مشكورا.

من أرشيف د- زهير البياتي
احلام عرب-زهير البياتي.

من أرشيف د- زهير البياتي

 الفنانون - فاروق محمد علي -أمير الحداد- موسى جاسب .

جهاد جاسم -موسى- جاسب -احلام عرب.

مشهد يجمعني مع الراحل فاروق محمد علي.

غسان محمد- احلام عرب - فاروق محمد علي.

جهاد جاسم

جهاد جاسم

مقال باللغة الانكليزيه عن المسرحية







مقال مع الاسف لاأملك اولياتة


صورة  قديمة تجمعني ومخرج المسرحية عادل كوركيس
ايام كنا طلبة مسرح في دورة واحده في معهد الفنون الجميلة-بغداد

المشاركون في المسرحية.
احلام عرب - منيرة
فاروق محمدعلي- منير.
عبد الامير السماوي- شرهان.
غسان محمد  شرهان.
صبحي الخزعلي- ابو محمد.
زهير البياتي- ابو صيهود.
كريم خليفه- كاتب العدل.
موسى جاسب- عادل المحامي.
جهاد جاسم- الفراش.
علي كريم- عادل الفراش.
راضي مطر كامل-محمد.
يوسف الشاعر.
نزار شريف.
كريم هادي.
صالح نعمة.

شكرا للزميل .زهير البياتي الذي سمح لي بأخذ بعض الصور من صفحته الفيسبوكيه وكذلك المعلومات عن تقديم المسرحية لأني لم ادون الأحداث في حينها وتداخلت عندي المعلومة.
في هذه المسرحية عشت يوما مليئا بالأحداث الدرامية عندما ذهبت للمعايشة مع مصحة الأمراض النفسية علما ان الكاركتر المراد تشخيصة هو تمثيل حالة الجنون بسبب ارث عائلي.

قدم العمل على مسرح الصفحة . الرواد 3/2/1990.

الساعة الرابعة مساءا", بمناسبة يوم المسرح العالمي.

من أرشيف د- زهير البياتي
بقلم - زهير البياتي
عرضت هذه المسرحيه على مسرح الرواد التابع لقسم المسرح كلية الفنون الجميله حاليا قدمت هذه المسرحيه في بداية التسعينيات من القرن الماضي وكانت ضمن العروض التي قدمت بمناسبة يوم المسرح العالمي .تظهر في يمين الصوره احلام عرب ،فاروق محمد علي،كريم خليفه،وفي يسار الصوره زهير البياتي وقد الشترك في هذه المسرحيه من الممثلين الذين الم يظهروا في الصور ،صبحي الخزعلي 
موسى جاسب
 جهاد جاسم وقد شارك من الممثلين ايضا الفنان الرحل عبد لامير السماوي ولكن لم يستمر الى نهاية العروض.وقد قام بتصميم الديكور عادل كوركيس علما انه كان من مصممي الديكور المبدعين ومن الذين كانو من المترجمين الحاذقين ومن المتمكنين من اللغه الجيكيه ولانكليزيه والعربيه . وسنتحدث عنه باسهاب في مناسبة ومكان اخر ،طيب الله ثراه .
د-زهير البياتي

هناك تعليق واحد:

  1. لو لم تكوني بهذا التبداع لم تكوني احلاب عرب الني نعرفها لقد اعطيت المسرح خاصة والتمثيل بشكل عام اجمل ايام حياتك واستطعت ان تخطي لك مسارا خاص لا يصدر الا من فنانه موهوبة بالفطرة تحية كبيرة لك علي جهودك وانجازاتك

    ردحذف