Friday, 29 January 2021

احلام عرب نجمة متالقة في عالم الابداع والعطاء / جوزيف الفارس

احلام عرب نجمة متالقة في عالم الابداع والعطاء / جوزيف الفارس

مجلة الفنون المسرحية
%25D8%25A7%25D8%25AD%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2585%2B%25D8%25B9%25D8%25B1%25D8%25A8%2B%25D9%2586%25D8%25AC%25D9%2585%25D8%25A9%2B%25D9%2585%25D8%25AA%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2582%25D8%25A9%2B%25D9%2581%25D9%258A%2B%25D8%25B9%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2585%2B%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A7%25D8%25A8%25D8%25AF%25D8%25A7%25D8%25B9%2B%25D9%2588%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B9%25D8%25B7%25D8%25A7%25D8%25A1


 احلام عرب نجمة متالقة في عالم الابداع والعطاء / جوزيف الفارس

الذي يبحث بين سطور الصحف والمجلات الفنية سيتعرف على حياة هذه الفنانة التي لم تولد في احضان عائلة تشجع الفن ولا يوجد من بينهم من له ميول فنية يدعم رغبتها ويشجعها على  خوض تجربة هذا العالم الغريب والبعيد كل البعد  عن اجواء عائلتها , انما بقي هذا الحلم يراودها من اجل الوصول اليه والمساهمة في تحقيق رغباتها الفنية والتي اكتسبتها من مشاهداتها المستمرة للمسلسلات التلفزيونية و بعض الافلام العربية والتي كانت سائدة انذاك في صالات العروض السينمائية في بغداد , نعم , لربما كانت عائلتها تتمنى ان احد افراد عائلتها ان  يخوض غمار تجربة هذا العالم الفني الا ان العادات والتقاليد والاعراف الاجتماعية والتي كانت سائدة انذاك قد تمنعهم من التشجيع على حث ابنائهم للخوض في هذا التهج والذي يحتاج الى التحدي للعادات والتقاليد البالية واتخاذ القرار الحاسم ليكون عامل من عوامل دخول هذا العالم الفني ولا سيما ان هذه الفتاة احلام عرب عاشت الامرين , اولهما العادات والتقاليد الاجتماعية , وثانيهما عدم التشجيع من افراد عائلتها للدخول وخوض تجربة مجهولة المعالم لفتاة تعيش ضمن قيود تحد من انشطتها وحريتها في اختيار ماتحلم في تحقيقه لحياتها ومستقبلها في الفن , انما الذي ساعدها على وضع اول خطوة في المسيرة الفنية هي الانشطة المدرسية من فعاليات فنية ورياضية وادبية , لقد وجدت الدعم والتشجيع من قبل معلماتها في المرحلة الابتدائية ورسخ هذا الدعم المعنوي تطلعاتها الى تحقيق هذا الحلم والذي طالما راودها واصبح  هو الهم الوحيد وشاغلها لتتمكن تحقيقه وعلى نطاق المستقبل , وبالرغم من اعتراض الاهل , واقاويل الاقرباء والمقربين من عائلتها الا ان التحدي واتخاذ القرار الفردي والايمان به اعطت صورة واضحة لعائلتها لفهم شخصيتها وطبيعة ميولها .
لقد دخلت معهد الفنون الجميلة في عام 1973 لتكتسب منه ثقافتها وتجربتها وتتطلع من خلاله على عالم فيه من جمال الاجواء ومتعة الحياة الفنية بين طلبة يلهثون خلف الاكتساب الثقافي ويتطلعون الى مستقبل يحاولون من خلال المسرح على التغيير والتطوير , وكيف لا وهم يطلعون على المدارس الحديثة في المسرح ويكتسبون من مؤلفات الكتب المسرحية العالمية ثقافة تعينهم على تحقيق طموحاتهم للمستقبل الذي يحلمون خوض تجربته الفنية وهم يطبقون تعاليم ستانيسلافسكي وبرشت و ويتاثرون بكتابات انطون تشيخوف وشكسبير والبير كامو وبرنادشو و كان هذه هو زادهم الذي اكسبهم تجربة حياتية وثقافة اكاديمية لتنتقل من مرحلة التنظير الى مرحلة التطبيق العملي في مشاركاتها زملائها الطلبة في اطروحاتهم , كانت احلام عرب الجذر المغروس في اروقة معهد الفنون الجميلة لترتوي من معينه ماء الثقافة النظرية والتطبيق العملي في حقول تجاربها المسرحية , لقد تعرفت احلام عرب على مولير وابسن وانطوان تشيخوف وبرنادشو وتعلمت منهم اسلوب التاليف المسرحي والتنظير الفلسفي لمجريات وقائع الحياة في المدرسة الواقعية , ان احلام عرب انفردت عن زملائها بالبحث والتقصي فاحبت  هذا العالم من خلال تطلعاتها الثقافية والادبية وتحقيق احلامها في عالم يسوده الجمال , ولاسيما مطالعاتها  للروايات وادبيات المسرح , عرفت كيف تحلل الشخصية وتجد ابعادها , تدربت على الصوت والالقاء واكتسبت من خلاله ثقافة الالقاء و مخارج الحروف , تدربت على التكنك بدي ( الرياضة الجسدية ) عرفت بان على الممثل ان يتعرف على ادواته في التمثيل الا وهو صوته وجسمه , لقد نهجت النهج الصحيح حينما دخلت معهد الفنون الجميلة ووجدت نفسها امام لجنة الاختبار والتي اجتازتها بنجاح وتفوق , لقد استحوذت على اعجاب اللجنة بموهبتها الفطرية مما شجعوها على مواصلة دراستها في المعهد .
لقد كانت احلام عرب هادئة بطبعها , كانت تصرفاتها محط اعجاب من العديد من الزملاء والذين اعجبوا باسلوب كلامها ونقاشاتها الموضوعية في تاريخ الادب المسرحي مما وجدت لها مكانة بين زملائها محفوفة بالاحترام المتبادل والاعجاب بشخصيتها .
لقد عاشت الفنانة احلام عرب مرحلة دراسية فيها من متعة الاكتساب الثقافي والاكتشاف لخفايا هذا العالم المستمد واقعيته من هموم الناس والمجتمع , لقد اهتمت بالبحث والتقصي في ادبيات هذا الفن مما اكسبها ثقافة تميزت عن زملائها من طلبة معهد الفنون الجميلة وتالقت بعطائها المثمر وهي طالبة تبحث في الكتب والمصادر والتي وجدت فيها متنفسا اكسبها حياة جديدة ومختلفت عن حياتها السابقة , فتاة وجدت الدعم المعنوي والتشجيع من قبل اساتذتها والذين كانوا يشرفون على تدريسها , اساتذة من رواد المسرح والذين اكتسبت منهم ماهمها من الثقافة المسرحية لحياتها ومسيرتها الفنية , اضافة الى دعم زملائها وزميلاتها من الطلبة التي عاشت معهم حياة اسروية والتي مازالت تعيش جمالية تلك العلاقة النقية والمبنية على الاحترام المتبادل  . 
هكذا كانت حياة الفنانة احلام عرب , كانت بقمة انسانيتها وتواضعها واخلاقها المستمدة من تربيتها ونشأتها والتي اكتسبت من خلالها العادات والتقاليد الاجتماعية وعرفت كيف تعالجها بموضوعية فيها من الاحترام لمشاعرهم واحاسيسهم , عاشت طفولتها في حي سكني شعبي في شارع الرشيد راس الكرية والعمار مما اضفى اليها حلاوة العلاقة الاجتماعية الشعبية والتي عاشتها في ظروف متوسطة الحال ومتطلعة الى عالم مليىء بالاحلام وهي ابنة بغداد والمتاثرة بالافلام السينمائية العربية ومعجبة بالمع نجومها , ولهذا كانت متلهفة لاكمال دراستها الابتدائية والمتوسطة من اجل تحقيق مشوارها الفني في ان تصبح يوما نجمة من نجوم الدراما العراقية .
لقد جسدت احلام عرب ادوارا عديدة ومختلفة ومتنوعة منها الامراة البغدادية والريفية وابدعت في تجسيدها للشخصيات المركبة والبسيطة مما دعا المخرجين من المسرحيين والتلفزيونيين الاسناد لها ادوارا اجادت تجسيدها وتالقت من خلالها مبرهنة على انها فنانة اكاديمية استعانت بثقافتها لتجسيد حرفيتها التمثيلية , فذهبت الى الاحياء السكنية الشعبية مجددا لتراقب الامراة الشعبية من حركاتها واسلوب حديثها , وتاخذا انطباعا عنها لتختزنها في ذاكرتها , ذهبت الى الامراة الريفية لتعيش اجواء حياتها وترسم لها صورة حية تضيف لها من ابداعات خيالها وابتكاراتها وبما يليق بثقافتها ورقي شخصيتها الفنية , عايشت النساء المسنات وراقبت اسلوبهم في الحديث ومشيتهم وانحناءات ظهورهم , زارت قصور الاغنياء وعن طريق بعض المعارف المقربين اليها وتعرفت على نمطية حياتهم الواقعية  لكونها امنت بان المسرح هومحاكات للواقع وللطبيعة ومعايشة حياتية للشخصيات الواقعية , ولهذا وجب عليها ان تتطلع على مسار حياتهم لتتمكن من نقل صور هذه الشخصيات على المسرح , ومن هنا جاء صدق مشاعرها واحاسيسها في تجسيد ادوارها في التمثيل , وقد اجادت وابدعت وتالقت في العديد من الادوار التي جسدتها ان كانت عن طريق الشاشة الصغيرة او المسرح او في السينما .
كانت احلام عرب فنانة مثقفة وخزينة تجربة حياتية , ولهذا استعانت  في تلمذتها بنظريات فن التمثيل ولا سيما من خلال كتاب  ( اعداد الممثل ) ل ستانيسلافسكي واكتسبت منه ثقافتها والتي اعانتها في تجسيد معظم ادوارها في الدراما العراقية , لا تؤمن بالابتذال ولا تشارك في اعمال ليست مقتنعة بها , صريحة الراي , وجريئة في اتخاذ قرار مشاركاتها بالاعمال التلفزيونية والمسرحية , كانت مخلصة لفنها وتبذل قصارى جهدها كي تصل الى اعماق ادوارها من الاحاسيس والمشاعر الصادقة في رسم معالم الشخصية ودراستها مستعينة بذاكرتها وخيالها وخزينها المكتسب من دراستها وثقافتها . لقد شاركت احلام عرب في العديد من الاعمال المسرحية منها ديموقرطية ونص , واصدقاء المزرعة , وانهر والبستان , وكلكامش , وعش المجانين , والباب الشرجي , وفاتنة بغداد ---- الخ 
لقد امنت بالطفولة البريئة وشجعت على ايجاد عالم لتجسيد البراءة ومن خلال مسرح الطفل ولهذا خاضت تجربة العمل فيه وقد نجحت في تحقيق تجربتها هذه مما ساعدها هذا النجاح على تكرار تجربتها مرات عديدة وتالق في برسيخ تجربة لهذا المسرح الوليد .
ان الفنانة احلام عرب فنانة شاملة , فهي معدة وممثلة ومخرجة , تؤمن بان على الانسان ان يثق بابداعاته وخزينه الحياتي من الصور الحياتية والواقعية , اضافة الى رؤياه المتجددة وعلى مر الزمان ويكتسب مما يصادفه من صور حية وتجارب عديدة يستعين بها في مسيرته الفنية , انها تؤمن بالطاقة الابداعية المختزنة عند الانسان , ولهذا هي تستعين بالطاقات الشبابية والمواهب الفطرية لتخلق منهم فنانين يتعاولون مع الدور في النصوص المسرحية بحرفية فيها من الابداع وجمالية التعبير .
انها طير هاجر عشه الى بلاد الغربة وهي تتطلع الى ذكريات طفولتها ومرحلتها الدراسية وشبابها وعطائها , تزوجت من رجل ليس بفنان وانما يؤمن بالفن على انه عصب الحياة , كان هو الداعم المعنوي لها , انه رجل علم ولكنه ليس ببعيد عن الفن لكونها تلتجىء اليه للاستئناس برايه وبمشورته , لقد هاجرت الى لندن لتعيش عالم الغربة بكل مقوماته الحياتية واللغوية والاجتماعية , لم تنتزع بغداد من ذاكرتها ومن احلامها , كانت تتوق الى شم انسام دجلة وشم رائحة شارع الرشيد والاحياء السكنية التي تحاذي شارع الرشيد , كانت تتوق الى اروقة وصفوف معهد الفنون الجميلة ومسارح بغداد .
تركت احلام عرب العراق وقلبها مليىء من الحزن والالم على هذا الفراق , وفي المهجر – حاولت التاقلم والتكيف وحسب مقتضيات الحياة الاقتصادية والاجتماعية الا انها وجدت الصعوبة في ذالك التاقلم الا ان الجالية العراقية والعربية لعبت دورا ايجابيا في مرحلة حياتها الجديدة , لقد تركت بداية مسيرتها في العراق لتبدأ من الصفر والبداية اشد وقعها على المهاجرين الا انها استسهلت مقومات هذه المرحلة من جميع ظروفها المحيطة بها , وكيف لا وهي صاحبة خبرة وتجربة تعلمتها من الحياة الواقعية والتي عاشتها في العراق انه لا مستحيل للانسان المثابر والمؤمن بطريق يسلكه من اجل ان يحقق اهدافه ويواصل مسيرته ويواكب ركب ما كان عليه من الثقافة والتجربة في مسار حياته الفنية , ولهذا سعت وفي بداية مشوار غربتها التعرف على الجالية العراقية والعربية ولاسيما من الادباء والمثقفين والفنانين العرب والعراقيين , وسعت الى الاتصال بهم وخلق العلاقات والصداقات مع الشابات والشباب من الذين يملكون المواهب الفطرية بغية صقلها والاستفادة من مواهبهم للاستعانة بهم من اجل اعمالها لتواصل مسيرتها وتعمل على خلق مسرح جماهيري في لندن  وتعريف الجمهور على هوية الفنون المسرحية العراقية , وهكذا فعلت وحققت احلامها بخلق مسرح عراقي جماهيري في لندن تكلم عنه القاصي والداني من الموجودين في هناك  , والذي اعجبت الصحافة العربية والمثقفين العرب .

Thursday, 21 January 2021

الندوة الحوارية للفنانة احلام عرب في جمعية المترجمين العراقيين بالتعاون مع الصالون العراقي المستقل .

مرسلة عبر صفحة قيس جوامير من الفيس بوك للتذكير بهذا الحدث الجميل قبل سنتين في 2019.
شكرا للصديق قيس الذي يسحبني دائما لدائرة الضوء
انا احلام عرب -الاستاذ عامر الطربوش -رئيس الجمعيه الاستاذ قاسم الاسدي- الاستاذ قيس جوامير

مع عرابنا المسرحي الكبير الاستاذ سامي عبد الحميد الذي شرفنا ليلقي كلمة وعن اعمالي معة


الزميل والصديق الاستاذ ميمون الخالدي ومداخلة عن مسيرتي

الزميل والصديق الاستاذ حافظ العادلي يستذكر ايامنا الدراسية في معهد الفنون الجميلة

الاستاذ الكبير سامي عبد الحميد في كلمه عني .

عقدت جمعية المترجمين العراقيين بالتعاون مع الصالون الثقافي العراقي المستقل الندوة الحوارية الفنية المسرحية للتجربة الاخراجية والتمثيلية للفنانة العراقية الرائدة احلام عرب وبحضور عميد المسرح العراقي البروفيسور الفنان سامي عبد الحميد ودار الندوة الاستاذ الدكتور المترجم الفوري قاسم محمد الاسدي واستهل الندوة الكبير الدكتور الاسدي باستعراض واسع لتاريخ المسرح العراقي ونشأته وعرج على كافة الفرق المسرحية ومؤسسيها واعمالها مستعينا بالداتا شو وقد كان بحق جديرا بقيادة الندوة
https://www.blogger.com/blog/post/edit/2251541265224309932/4830577208176251895وقسمت الندوة الى اربعة محاور المحور الاول عن تجربة الفنانة احلام عرب في مرحلة الدراسة في معهد الفنون الجميلة وعقب على تلك الفترة بالاضافة الى الفنانة احلام عرب زملائها في المعهد الدكتور الفنان الكبير ميمون الخالدي والاستاذ الفنان الماكير العربي حافظ العادلي وكان المحور الثاني من الندوة تجربة الفنانة احلام عرب في المسرح العراقي وعقب على تلك الفترة الفنان سامي عبد الحميد الذي صرح بانه الان يستعد لاخراج مسرحية مكبث بالانكليزية تقوم ببطولتها الفنانه احلام عرب ويشرفني انا قيس جوامير ان اعمل مخرجا مساعدا في العمل وسيقوم الاستاذ المترجم عامر الطربوش بالاشراف على سلامة اللغة واللفظ لدى الفنانة احلام عرب اما المحور الثالث فالقي الضوء على تجربتها في مسرح الطفل وعقب على تلك التجربة الاستاذ قيس جوامير حيث كان مؤازرا لها في هذه المرحله فعمل مساعدا ومخرجا مساعدا ومديرا للمسرح بالاضافة الى الأعمال الادارية الاخرى واما المحور الرابع فكان حول تجربتها في الغربة والترجمة والاعمال في اللغة الانكليزية منها مسرحية الاستيقاظ ترجمتا وتمثيلا واخراجا والفلم الروائي الطويل ميزو كافيه باللغة الانكليزية مما نستطيع ان نقول ان هذا المنجز نقلها الى العالمية حيث اشترك هذا الفلم بعدة مهرجانات مهمة في لندن وخارجها اضافة الى تاسيس فرقة في لندن وتقديم اكثر من ثلاث مسرحيات في مسارح لندن فتحية كبيرة لجمعية المترجمين العراقيين المتمثلة بالاستاذ الدكتور قاسم الاسدي على هذه الاستضافة الكريمة ومزيدا من الابداع للفنانة الكبيرة احلام عرب وحظر الندوة البروفيسور صالح التدريسي في جامعة البصرة والناصرية زوج الفنانة احلام عرب وابنتها الفنانة لبوة صالح.
بقلم قيس جوامير.
وكنت قد كتبت عن نفس الامسية بصور مختلفة عبر هذا

Monday, 18 January 2021

مسرحية "المجنونة" تأليف: وفاء عبد الوهاب اخراج: عادل كوركيس تقديم (فرقة مسرح اليوم) عام 1990 على مسرح الرواد.

مسرحية "المجنونة"

تأليف: وفاء عبد الوهاب

اخراج: عادل كوركيس

تقديم (فرقة مسرح اليوم) عام 1990 على مسرح الرواد.


اثناء التمرين

(وين رايحه ...مكانك ويانه )

لندن، أحلام عرب

هذه الجمله التي سمعتها وانا اغادر مستشفى الامراض النفسية أثر تجربة معايشة وبقيت عالقة في ذهني الى اليوم.        
التجربة بدأت عندما اسند لي دور المجنونة في مسرحية تحمل نفس العنوان من تأليف الصديق وفاء عبد الوهاب واخراج الزميل والصديق عادل كوركيس ( لروحيهما الرحمة والسلام )، فقررت الذهاب لمستشفى الامراض العقلية لغرض مراقبة النزلاء ودراسة  تصرفاتهم كي اضفي على الكاركتر المناطة بتجسيدة صدق الحس والحركة.
علق المؤلف، الاستاذ وفاء، بروح نكتته المعهودة انه لاحاجه لي بذلك وماعلي الا اعتلاء الخشبة وسيقتنع الجمهور بالحالة. فأجبته بضحكة باردة, كانت هي سلاحي الدائم في مواجهة سخريتة اللاذعة. كان هذا هو وضعنا الدائم، مشاحنات ومشاجرات اثمرت اكثر من اربع مسرحيات حازت على اهتمام الجمهور والصحافة وصداقة دائمية  تشبه صداقه توم وجيري.                                                                                            
ذهبت الى مستشفى الرشاد او ( الشماعية ) كما كان يطلق عليها الناس . وقابلت الادارة وكلي امل بقبول التماسي الذي قدمته بحرارة للبقاء مع النزلاء لغرض المعياشة، ولكن الرفض كان هو الرد الحاسم لي، لأنه لا كتاب رسمي يسند ويدعم حجتي.                           رجعت متذمرة  للزميل عادل كوركيس وطلبت منه ان يزودني بكتاب رسمي من فرقة (مسرح اليوم) والتي هو عضو فاعل فيها، وكنا نتمرن في مسرحها ذو ال60 كرسي، وكان هذا المسرح بمثابة بيت ثان لنا تعودنا على ارتياده والتمرين به منذ ايام الدراسة المعهدية. استجاب الزميل المخرج عادل كوركيس لطلبي وزودني بالكتاب الذي اخذته لاداره المستشفى، وهذه المرة استقبلت بشكل حسن، وسُمح لي بالبقاء مع المرضى بصحبة ممرضة كي تعرفني على الحالات. كانت ترافقها شابة جميلة ذات ضحكة ملائكية ساحرة. 
 أول حالة صادفتني كانت امرأة متوسطة في العمر ذات هندام مقبول تتمشى في الممر، ما أن رأتني، حتى توجهت نحوي بخطى بطيئة وبلهجة اقرب الى التوسل قالت لي: (اني مو مخبلة، صدكيني، بس ابن عمي طمع بالبيت وشمروني اهنا .. كوليلهم اني مو مخبلة).  

لااعرف بماذا شعرت ؟ بالضبط فقد كانت هي الكاركتر الذي سوف امثلة ... سيتقدم لي الكثير من العرسان بسبب ورث يأملون التنعم به مما يضطرني لتمثيل دور المجنونة لأبعادهم . وقفت اتأملها، غير مصدقه ما يحدث وكيف تكون اول حاله اصادفها هي تماما ما ابحث عنه. ووسط انشداهي ودهشتي سمعت مرافقتي الشابة تهمس وهي تسحبني بعيدا عنها (عوفيهه مخبله .. تعالي للقاووش).

 دخلت الردهة واستخرجت دفتر ملاحظاتي وقلمي الرصاص.
كان هناك مجموعة من الشابات جالسات بودٍّ، تتوسطهن شابة جميلة بشعر اشقر اطفأ الاهمال جماله، وعيون ملونة مازال بعض من بريقها لامع. وكانت كما يبدو متحدثتهم. ما ان رأتني، حتى انتصبت واقفة  وسألتني بشكل حاد:  (اكلج، اني احب الدكتور وهذني يضحكن علي ويكولن مستحيل الدكتور يحبج لان انت مخبلة .انت شدكولين؟).                                                                                                            
كركرت زميلتها هنا وهناك، فنهرتهن (اسكتن، خلي نسمع شتكول؟).
 فساد صمت  وتوجهت الانظار لي .
قلت لها: (شوفي عزيزتي، الحب ميعرف مخبل اوعاقل. ولايعرف غني او فقير أوصغير أو كبير .. وليش لا، هذا الدكتور اذا عنده مشاعر وما مرتبط ممكن يحبج).                                                                                                                    
انتفضت الشابه الشقراء منتصرة وقالت لزميلاتها: (ها شكلت الكم ؟)، واشرت نحوي، (هذي تفتهم). وتعالت همهمات هنا وهناك ..(اي تفتهم) .
احسست باسترخاء وبأني اصبحت مقبولة بينهن .
            
 رجعت متحدثتهن وقالت بلهجة اخف: (خلي اسألها السؤال المهم)، وهمست بصوت واطيء، (عندي بحث علمي مهم، والمخابرات الاميركيه طلبته، بس المخابرات الروسيه ايضا تريده، واني حايره شسوي ؟ شنو رأيج ؟).                                            
توجهت نظرات الجميع نحوي بشكل جاد هذه المرة.  فقلت بجديه تناسب الموقف وبصوت واطئ تماشيا مع الحالة:              
(شوفي عزيزتي، هذا موضوع مهم وخطير وميصير نتسرع. خلي ندرس الطلب الامريكي على كيفنا وندرس طلب روسيا، وبعدين نقرر وين مصلحتنا).
                                                                                                                      
صفق الجميع وتعالت الكركرات وسمعت عبارات تشجيعيه مؤكدة ( تفتهم  اي  تفتهم )، سحبتني المسوؤله، التي كانت تحمل اضابير لشرح الحالات، بعد الانتهاء من مقابلتها، قالت لي: (هذه التي كلمتك كانت طالبة جامعية، ثالث علوم، قبل ان ينتهي بها الحال هنا). وأيدتها المرافقة الشابة بضحكتها الملائكية .
                                                                                          
 وانا اقطع الممر للذهاب الى المكان الثاني، استوقفتني لوحة كبيرة، فيها اعمال يدوية جميلة جدا واعمال حياكه تبهر الناظر. قالت مرافقتي (انها اعمال النزيلات). فأشرت على اجمل قطعة وطلبت رؤية من صنعتها . دخلت مكانا اخر ورأيت مجموعة اخرى من النسوه اكبر عمرا من المجموعة الاولى وارصن. وهناك امرأه رثة الثياب والشكل، منهمكة بأكمال مابيدها من حياكة وقيل لي انها هي. كانت صدمة كبيرة بالنسبه لي ان يصدر الجمال من بقايا امرأه اقرب الى هيكل حزن . تغلبت على مشاعري وجلست جنبها وسألتها ( انت شتسوين اهنايه ). اجابت بدون ان ترفع رأسها ( كتلته، جان ايأذيني وكتلته، وجابوني اهنا).
قالت نزيلة اخرى، كانت واقفة تستمع لنا: (اني هم كتلته، هو وابنه وذبيتهم بالبلوعه). وقفت اسألها ( ليش هم كان يأذيج ؟). قالت بأبتسامة مسالمة ( بالعكس اصلا جان كلش يحبني ويجيبلي هدايا. جنا كلش سعداء، بس كتلتة هو وابنة وذبيتهم بالبلوعه).
اجابت نزيلة اخرى، منزوية بعيدا، بلهجة ريفية متشاطره معهن (واني هم طكيته). فسألتها (شلون؟ ) قالت (طكيته بالنعال). لم يضحك احد وبدأت حالات القتل العنيف متساوية مع ضربة النعال .
سحبتني الممرضة الى الادارة، لغرض استراحة قصيرة. وسألتها كيف تقتل هذه المرأة السعيدة زوجها وابنه، ففتحت الملف وبدأت تقرأ لي التشخيص بشكل علمي، موضحة ان كل ماقالته هو العكس تماما، وايدتها الشابة بضحكتها الملائكية الأخاذة.
بعد الاستراحة مررنا بحالات كثيرة، كتلك الشابة التي تأبى ان تفارق الحمام والماء، وهمست لي الممرضة (شوفيهه شلون شابه بس اهلها بعد ميتحملون). وكانت هذه الممرضة رائعة في تعاونها في الاجابة على اي سؤال وشرح الحالة النفسية المرافقة لها، ربما شجعها اهتمامي وكتابة ملاحظاتي لأي جملة تتفوه بها.     
                                                  
قالت لي سأخذيك لقسم الرجال لمقابلة حالة خاصة ستفيدك كثيرا، وكان ذلك .
عبرنا  لقسم الرجال، وجلست في غرفة صغيرة انتظر الحالة المترقبة بفضول، ومعي الممرضة والشابة. وماهي إلا دقائق، حتى دخل الغرفة رجل مربوع القامة، يرتدي دشداشه داكنة نظيفة مع سترة تُضفى عليه هيبة ووقار. وسلم علي بأدب جم وجلس .
قالت له الممرضة (اشرح لها عن حالتك) .فأسترسل يسرد حكايتة بسلاسة لاتخلو من روح نكتة موضحا الامر بمصطلحات طبية اثارت استغرابي .
                                                                  
 قال: (صدام سوه القادسيه الثانيه، واني سويت القادسيه الثالثه).
 كان هو الرجل الذي انتشرت قصتة على كل لسان في تلك الفترة، الرجل الذي قتل زوجتة وبناتة وزوجة اخية وكل النساء في المنزل. قال انه كان سائقاً في الحرب، وكان يرى اثناء قيادته على نافذة السياره جميع نساء بيته بوضعيات اباحية مخجلة، ويأتيه صوت بضرورة الخلاص منهن. وشرح لي بالتفصيل كيف فعل فعلتة، كيف قتل زوجتة والبنات، وكيف ارسل اخيه للمحل كي يتمكن من قتل زوجته ايضا. وشخّص الحالة علمياً، مؤكداً انها حالة  نادره جدا. وعلق ضاحكاً لانه من النوادر حصلت له.
خرجت من الغرفة غير مصدقة اني قابلت أعتى قاتل تكلم معي بهدوء عن جريمة هزت المجتمع العراقي. قبل ان تضع الممرضة الملفات مكانها، التفتت لي، مشيرةً الى المرافقة الشابه الملائكية التي كانت ترافقنا في رحلتنا، وقالت اسأليها، انها ايضا حاله .
لم اصدق اذني، (معقوله؟).
سألتُ الشابة: (وانت ماذا فعلت؟)
قالت بضحكتها الملائكية الساحرة (آني كتلت ابويه. كان نايم، وصعدت على صدره وبالسجين). وبدأت تمثل الحالة بحركات الفعل الذي قامت به، تصاحبها ضحكتها الملائكية التي لم تفارقها . كانت هذه الحاله صدمة غير متوقعة ابدا بالنسبه لي . سالتها (ليش) . قالت: (لأن كان يأذي امي ويأذينا)، وسردت الحادث وسط الضحك مرة ثانية .

دونت كل ذلك.
وقبل المغادرة، مررت بالنزيلات الشابات المرحات مودعة اياهن، وكان جميلاً ان اختم الزياره بهن بعد رحلة الاكتشافات الثقيلة.
وانا ابتعد عنهن، صاحت الشابة الشقراء، متسائلة بصوت عالٍ: ( انت وين رايحه؟ منو رايح يفتهمج اهناك؟  انت مكانج الطبيعي يمنا). 
 

اثناء التمرين


بروكرام المسرحية
من أرشيف - زهير البياتي مشكورا.

من أرشيف د- زهير البياتي
احلام عرب-زهير البياتي.

من أرشيف د- زهير البياتي

 الفنانون - فاروق محمد علي -أمير الحداد- موسى جاسب .

جهاد جاسم -موسى- جاسب -احلام عرب.

مشهد يجمعني مع الراحل فاروق محمد علي.

غسان محمد- احلام عرب - فاروق محمد علي.

جهاد جاسم

جهاد جاسم

مقال باللغة الانكليزيه عن المسرحية







مقال مع الاسف لاأملك اولياتة


صورة  قديمة تجمعني ومخرج المسرحية عادل كوركيس
ايام كنا طلبة مسرح في دورة واحده في معهد الفنون الجميلة-بغداد

المشاركون في المسرحية.
احلام عرب - منيرة
فاروق محمدعلي- منير.
عبد الامير السماوي- شرهان.
غسان محمد  شرهان.
صبحي الخزعلي- ابو محمد.
زهير البياتي- ابو صيهود.
كريم خليفه- كاتب العدل.
موسى جاسب- عادل المحامي.
جهاد جاسم- الفراش.
علي كريم- عادل الفراش.
راضي مطر كامل-محمد.
يوسف الشاعر.
نزار شريف.
كريم هادي.
صالح نعمة.

شكرا للزميل .زهير البياتي الذي سمح لي بأخذ بعض الصور من صفحته الفيسبوكيه وكذلك المعلومات عن تقديم المسرحية لأني لم ادون الأحداث في حينها وتداخلت عندي المعلومة.
في هذه المسرحية عشت يوما مليئا بالأحداث الدرامية عندما ذهبت للمعايشة مع مصحة الأمراض النفسية علما ان الكاركتر المراد تشخيصة هو تمثيل حالة الجنون بسبب ارث عائلي.

قدم العمل على مسرح الصفحة . الرواد 3/2/1990.

الساعة الرابعة مساءا", بمناسبة يوم المسرح العالمي.

من أرشيف د- زهير البياتي
بقلم - زهير البياتي
عرضت هذه المسرحيه على مسرح الرواد التابع لقسم المسرح كلية الفنون الجميله حاليا قدمت هذه المسرحيه في بداية التسعينيات من القرن الماضي وكانت ضمن العروض التي قدمت بمناسبة يوم المسرح العالمي .تظهر في يمين الصوره احلام عرب ،فاروق محمد علي،كريم خليفه،وفي يسار الصوره زهير البياتي وقد الشترك في هذه المسرحيه من الممثلين الذين الم يظهروا في الصور ،صبحي الخزعلي 
موسى جاسب
 جهاد جاسم وقد شارك من الممثلين ايضا الفنان الرحل عبد لامير السماوي ولكن لم يستمر الى نهاية العروض.وقد قام بتصميم الديكور عادل كوركيس علما انه كان من مصممي الديكور المبدعين ومن الذين كانو من المترجمين الحاذقين ومن المتمكنين من اللغه الجيكيه ولانكليزيه والعربيه . وسنتحدث عنه باسهاب في مناسبة ومكان اخر ،طيب الله ثراه .
د-زهير البياتي

Friday, 15 January 2021

لقاء سريع لجريدة المدى اجراه معي الاعلامي قحطان جاسم جواد.

شكرا للأعلامي الأستاذ قحطان جاسم  لهذه الدردشة السريعة التي تديم التواصل الأجتماعي مع جمهورنا العزيز،
 وشكرا للمدى والقائمين عليها.
المدى العدد4851.
الاربعاء 13/1/2021


حكايتي ...أحلام عرب: أحلم بمسرح خاص بي في بغداد

قحطان جاسم جواد

الفنانة احلام عرب شاركت في العديد من الاعمال المسرحية داخل العراق، وقد اجبرتها الظروف السياسية على ان تهاجر لتستقر في لندن، ومن هناك سعت الى تقديم صورة مشرقة للمسرح العراقي.. حيث ترجمت بعض النصوص العراقية الى الانكليزية، وشاركت في بعض العروض المسرحية مع عدد من الفنانين العراقيين المقيمين في بريطانيا.. احلام التي تحلم بالعودة للاستقرار في العراق وتكوين فرقة مسرحية، كانت ضيفة (المدى) حيث سألناها: 

*ما الذي تحلمين به وانت في بغداد؟ 

- مسرح صغير انجز به اعمالي المسرحية ويضم مسرحا للدمى تشاركني به ابنتي وزملاؤها من فنانين. 

* هل أنت راضية عما قدمته خلال مسيرتك؟ 

- أعتقد أني بدأت من الصفر هاوية ثم محترفة وقدمت جهداً وعملاً مؤسساتياً في الوقت الذي يتوقف الكثيرون عن تقديم شيء بانتظار الدعم المادي والفرصة وما الى ذلك.

*يقال ان احلام عرب صريحة في آرائها هل تعتقدين ان هذه الصفة تتلاءم مع واقعنا الان؟ 

- لاشيء يعوض الصدق والصراحة.. فعندما اجد عملا لا يليق بالمسرح العراقي انتقده حتى وان سبب لي مشاكل مع زملاء المهنة. 

* ما هو الشيء الهم في حياتك؟

- المسرح الذي لا يفارقني وابنتي لبوة التي اتمنى لها ان تكون فنانة متميزة. 

* هل هناك بيت من الشعر ترددينه دائما؟ 

- انا احب المتنبي واعود الى ديوانه دائما ففيه الحكمة والفن الراقي ودائما اردد بيت المتنبي الشهير: انام ملء جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم.

* من هو بطلك في الحياة وفي المسرح؟ 

- كل من ينجز عملا ويضيف لصرح البشرية لبنة جديدة، كأي شخصية تنظر الى الحياة بمحبة وايجابية وصدق.

* هل تفضلين القراءة ام مشاهدة الاعمال الفنية؟ أغنية ترددينها؟

- انا بطبيعتي اعشق القراءة واتوقف عند العديد من الاعمال الروائية التي اتمنى لو انها تحولت الى مسرحيات.. تستهويني الروايات وحلم حياتي ان امثل رواية ليلة لشبونة للكاتب الالماني إريش ماريا ريمارك على المسرح او في التلفزيون لانها رواية تتحدث عن الظلم والحروب والغربة والتشرد.. كأنها كتبت الان وتتحدث عن العراق مثلما تتحدث عن جميع البلدان التي عانت من الحروب والانظمة الاستبدادية. .

*هل هناك مواقف تتمنين ان تحذفيها من حياتك؟ 

- بالتأكيد الانسان مجموعة مواقف.. وهذه المواقف هي التي تشكل شخصيته.. بالنسبة لي نعم هناك مواقف ومشاهد كنت ومازلت اتمنى لو انني لم اتعرض لها، منها جحود الآخرين ونكران الجميل. والغربة التي عانيت وما ازال منها. 

الناقد السينمائي الاستاذ علاء المفرجي يشيد بفلمنا الروائي القصير(تبولة وفطيرة باي) للمخرج - جعفر عبد الحميد.

فلمنا الروائي القصير(تبولة وفطيرة باي) للمخرج - جعفر عبد الحميد وتقييم نقدي رائع من قبل الاستاذ الكبير علاء المفرجي

المدى العدد4851 .

كلاكيت: تبولة وفطيرة باي.. هايكو بصري

 علاء المفرجي 2021/01/13 07:40:08 م

كلاكيت: تبولة وفطيرة باي..  هايكو بصري

 علاء المفرجي

عام 2009 في مهرجان الخليج السينمائي في دبي؛ سنحت لي فرصة اللقاء بالمخرج جعفر عبد الحميد الذي كان قادماً من لندن لعرض فيلمه الروائي الطويل (مسيوكافيه)، وبعد هذه الأعوام أرسل لي أمس من لندن رابط فيلمه القصير الجديد (تبولة وفطيرة باي) لأشاهده.

ورغم أن عبد الحميد الذي انتقل إلى لندن في منتصف ثمانينيات القرن الماضي واتجه لدراسة العلوم الاجتماعية في جامعة لندن بينما كانت ميوله نحو التلفاز والسينما بشكل خاص، حيث عمل في القسم العربي في ال (بي بي سي) مساعد منتج في عام 1993. كان قد انتج عدداً من الأفلام الروائية القصيرة والوثائقية نذكر منها (اختبار سياقة) عام 1991 و (ساعتا تأخير) 2001 و (عينان مفتوحتان على اتساعهما) 2005 .. إلا أن فيلمه ( مسيو كافيه) الذي شارك في مهرجان دي دانس في نسخته التاسعة عشرة و مهرجانات اخرى.

فيلمه الجديد (تبولة وفطيرة باي)، يختلف بموضوعه عن فيلم مسيوكافيه، ومسيوكافيه في الفيلم، هو مقهى في لندن أغلب رواده من العراقيين والذين تدور أحاديثهم عن الحصار في التسعينيات التي هي زمن الفيلم والتي هي محاكاة للواقع الذي تعيشه الجاليات العراقية في المَهاجر، فلا يكاد لقاء يجمعهم إلا والسياسة تكون حاضرة سواء في النقاش، أو النكات أو الأخبار التي كانوا يتابعونها عبر الفضائيات الشبكة العنكبوتية، أما فيلمه الجديد (تبولة وفطيرة باي)، فيعزف على وتر آخر وإن كانت نفس المقطوعة، ولكن بإيقاع آخر.. شخصيتان تجمعهما الوحدة، والفراغ، والملل ، رجل انكليزي متقاعد، و فنانة مسرحية، وهي عراقية تستعد للسكن بجواره، الإثنان، يقاسيان الوحدة لكنهما على استعداد لتقبل الآخر مهما كان انتماؤه، ليتجاوزا تداعيات هذه الوحدة.. حيث تزدهر روح المشاركة والتعايش داخلهما لتمهد للقاء 

المخرج جعفر عبد الحميد يعمد الى نقل حركة كاميرته، من المدينة بزاوية ضيقة تسمح بالتقاط حركة الشارع، وصخبه، آلة المكان الضيق الذي يجمعهما ، والذي نتلمسه بمدخل العمارة الضيق الذي لا يسع بالمرور منه الى أكثر من اثنين، وأيضاً ضيق الشقة المخصصة لشخص واحد.. وحتى النوافذ التي تظهر معتمة وبالإضاءة بشكل متناوب للشقتين، والتي تحمل دلالة واضحة على المشاعر الإنسانية التي تحكمهما، أو وجبات الطعام التي يتبادلونها، ففي الفيلم القصير وبالرغم من توفر كاميرا رقمية تبقى الصعوبة في الفكرة والأسلوب والقدرة على إنتاج معنى في حيز زمني قصير، وهو ما أنشأه في هذا الفيلم المخرج ليتلاءم مع مكان الحدث الضيق بدوره.. فهو لم يلجأ الى فيلم قصير غير واضح الدلالة بقصد التجريب ليطبع فيله بالغموض. مثلما هو لم يكن معنياً في بساطة الفكرة والمعالجة .. بل نحو مبدأ الرهان على نباهة المتلقي.. في استلهام الفكرة،.. لتبقى قضية معالجتها التي نجح هو فيها.. فالانتقال من مشهد الى آخر كان مترابطاً بسرد سلس تحكمه الفكرة.. التي وفر لها عناصر الجذب والتشويق، فالفيلم القصير وسيلة ناجعة لمقاربة السينما، فأمر قصره يتيح التركيز وضغط التفاصيل في الوقت الذي خصصه المخرج للفيلم (13 دقيقة في هذا الفيلم)، ونجح في أن يتداخل مع كافة أشكال التعبير القصيرة، التي ترمي إلى الاختزال والتكثيف.. واستفاد جعفر عبد الحميد من عمله كناقد في أن يمنح فيلمه مثل هذه الخصوصية.

الفيلم (تبولة وفطيرة باي)،، قصيدة هايكو بصرية عن عالمية المشاعر، والعيش المشترك، رغم اختلاف الثقافات والانتماءات.